أسطورة
أهل الخطوة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]playTrack("player_20091201",32);
أهل الخطوة هي صفة أطلقها الناس على كل من يمتلك تلك
القدرة الخارقة على قطع مسافة طويلة جداً في خطوة واحدة أو في لمح البصر
فلا يعوقهم بحر ولا جبل أو أنها تلك القدرة على التواجد في أكثر من مكان في
نفس اللحظة ، ومازال بعض الناس يعتقدون بأن تلك القدرة يخصها الله تعالى
لبعض عباده الصالحين أو الأولياء ذوي "الكرامات"بحسب ما يصفونهم،
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] يؤمنون بتلك القدرات ويزعمون بأن الأقطاب الأربعة وهم الرفاعي من الشام
والجيلاني من العراق والبدوي من اليمن والدسوقي من مصر كانوا من أهل الخطوة
، ويرفضون أنها مجرد خرافة ويردون على ذلك بالقول أن:"الكرامة أمر خارق
للعادة يظهره الله تعالى على يد رجل صالح وتنسب فقط للأولياء وهي غير
مقرونة بدعوى النبوة، والأولياء لا يباهون بما يجرى الله على أيديهم من
كرامات، لأنهم يرون أنها مظهر لنعمة الله عليهم، والكرامة يعترف بها أهل
السنة وبعض فلاسفة الإسلام مثل ابن سينا وينكرها المعتزلة"، إن الموروث
الشعبي القديم في المنطقة العربية يزخر بحكايات غريبة تتناول أهل الخطوة
مثل أن يقيم أحدهم في بلد ما ثم يصلي كل صلاة في وقتها في الحرمين المكي
والمدني أو غيرهما وأسرد فيما يلي بعضاً منها:
قصة سوق
"ساروجة" - سوريايختزن الموروث الشعبي في بلاد الشام
عموماً عدداً من القصص التي تناولت أهل الخطوة وقدراتهم العجائبية المزعومة
وقد تناقلتها الناس جيلاً بعد جيل إلى أن تضاءل صداها تدريجياً منذ مطلع
القرن العشرين والتقدم التكنولوجي وربما لا يذكر الجيل الحالي الشيئ الكثير
عنها إلا ما قد يكون قد وصله عبر حكايا الأجداد والجدات، ومنها قصة سوق
"ساروجة" في دمشق وسبب تسميته بذلك. حيث يُحكي أنَّ ولياً من أولياء الله
كان يسكن ذلك الحي (المقصود به شخص صالح وهبه الله قدرات خارقة يتميز بها
عن باقي البشر نظراً لورعه وتقواه),وكان هذا الولي من أهل الخطوة وفي يوم
من الأيام كانت أمُّ الولي تطبخ "كبه لبنية" وكانت تعرف جيداً أنها من
أكلاته المفضلة إلا أنها لم تكن معه بل كان حينها في مكة.فنادته وكان بينهم
وصال عن بعد ،أو ما نطلق عليه اليوم
قدرة
التخاطر فقالت له: "طبخت لك اليوم كبه لبنية يا إبني"، فقال الولي
لأمه:"إذن أنا آتٍ اليك، إن شاء الله ، يا أمي حتى آخذ منها نصيبي وأطعم
أصحابي في مكة"، وما هي الا لحظات حتى كان الولي في الشام في الحي الذي صار
اسمه سوق ساروجة وأخذ نصيبه من الكبة اللبنيه وعاد بالباقي إلى مكة
وتناولها هناك مع صحبه وهي ما تزال ساخنة، ومنذ ذلك الوقت سمي الحي بـ
"ساروجة" أي (سار و إجا) وما زال بعض الناس وبالأخص الكبار في السن يؤمنون
بأنه سار عبر الزمن بقدرة قادر من مكة وجاء إلى حيه في الشام ليأخذ نصيبه
من طعام أمه، وبالمناسبة ترادف كلمة (إجا) باللهجة السورية أو الشامية كلمة
(أتى) في اللغة العربية الفصحى.
الشيخ علي الخواص - مصريذكر
الشيخ عبدالوهاب الشعراني في كتابه "لواقح الأنوار فى طبقات الأخيار"
قصصاً عن كرامات شيخه وأستاذه علي الخواص فيقول عنه :"كان لايراه أحد قط
يصلي الظهر في جماعة ولاغيرها، بل كان يرد باب حانوته وقت الآذان فيغيب
ساعة ثم يخرج، فصادفوه في الجامع الأبيض برملة لد في فلسطين في صلاة الظهر
وأخبر الخادم فى الجامع الأبيض أنه دائماً يصلي الظهر عندهم، وهذا يعني أنه
كان من أهل الخطوة الذين تطوى لهم الأرض ليذهبوا أينما شاءوا"، وقد سأل
الشيخ عبدالوهاب الشعراني أستاذه علي الخواص عن أحوال أهل الخطوة من
المتصوفين الذين يظهر عنهم الخوارق مع عدم صلاتهم وصومهم ، فقال : "ليس أحد
من أولياء الله له عقل التكليف إلا وهو يصلي ويصوم ويقف على الحدود، ولكن
هؤلاء لهم أماكن مخصصة يصلون فيها كجامع رملة لد (الجامع الأبيض ) وبيت
المقدس (المسجد الأقصى) وجبل ق وسد إسكندر (السد المذكور فى القرآن) والذى
بناه ذو القرنين وغيرها من الأماكن المشرفة أو التي انكسر خاطرها بين
البقاع بقلة عبادة ربها فيها، فأرادوا جبر خاطرها وإكرامها بالصلاة، ومنهم
جماعة يصلون بعض الصلاة في هذه الأماكن وبعضها فى جماعة المساجد، وكان سيدي
إبراهيم المتبولي يصلى الظهر دائماً فى الجامع الأبيض برملة لد فكان علماء
حارته ينكرون عليه ويقولون لأي شئ لا تصلي الظهر أبداً مع كونه فرضاً عليك
كغيره من الصلوات الخمس فيسكت والله تعالى أعلم ".
نبذة عن عبد الوهاب
الشعرانيهو الإمام أبي المواهب عبد الوهب بن أحمد بن علي
الأنصاري الشافعي المشهور بالشعراني، ولـد في قلقشندة بمصر سنـة 898 هـ
وتوفي سنة 973 هـ. متأخرة الصوفية يسمونه القطب الرباني عبد الوهاب
الشعراني .خلف الشعراني آثاراً تزيد على خمسين كتاباً في موضوعات شتى، وقد
دلت كتبه على أنه اجتمع بكثير من العلماء والأولياء الصالحين، وقد افتخر
الشعراني بنسبه الذي يرجع إلى علي بن أبي طالب ، والبعض يتهمه بالزندقة
لإحتواء كتبه على غرائب لا يرتضيها عقل سليم بحسب رأيهم.
قصة التاجر الغني والشيخ
الحارون - سورياتطرق العلامة
الكبير محمد أمين شيخو لذكر قصة عن أهل الخطوة وقعت أحداثها في مدينة دمشق
والقصة توضح رأيه في "أهل الخطوة"، وذلك في كتاب حمل عنوان "كشف خفايا علوم
السحرة"، حيث يروي أن تاجراً غنياً تاقت نفسه لأداء الحج ، كان يرغب في
الذهاب للأماكن المقدسة فيقول الناس عنه (حجي) ويثقون به وبالتالي تزدهر
تجارته ويكثر ماله ، لكن في نفس الوقت صعب عليه تحمل نفقات بالطائرة
والإقامة على الرغم من ثرائه، وليخرج من ذلك المأزق قرر أن يصبح من "أهل
الخطوة" ، فيحفظ ماله وينال الثواب "ببلاش" كما يقولون، ولتحقيق غرضه عليه
أن يأخذ إذن من شيخ مشهود له بالخوارق ويقال عنه القطب الأعظم فتوجه إلى
الشيخ أحمد الحارون لأخذ الإذن بعد الصلاة وما أن فرغ الشيخ من زائريه
ومريديه اتجه لبيته منفرداً حتى اغتنمها فرصة فهرع للحاق به قائلاً :"شيخي
إني أقصدك بطلب وما خاب قاصدك ..إني أريدك أن تدفعني دفعة ، فأجابه الشيخ
مستغرباً :"دفعة! ، ما هي ؟"، قال :"دفشة من يدك ، نكشة ، ضربة مباركة .."،
عندها تبسم التاجر وأكمل حديثه وأشار بيده نحو الكعبة قائلاً :"هو أمر لا
يخفى عليك ، فأنت تاج الأولياء ومعدن الأصفياء وسلطانهم ..أنت القطب
الرباني بدفعة من يدك المباركة أخطو إلى الحج ثم بدفعة ثانية أعود بخطوة
واحدة كما هو معلوم .."، فأجابه الشيخ بحزم وجد بالغ :"دعك من هذا الهراء
"، وتابع الشيخ طريقه بعد حسم الموضوع وعلم أن ما تتلوه الشياطين من خرافات
وسخف قد غررت بهذا الغني البخيل وأوقعته بالأوهام والخيالات ، لكن التاجر
ظن أن الشيخ يمتحنه لأن هذا الأمر سر لا يجوز أن يبوح به ، ولم تمض فترة
طويلة حتى عاد ليترقب الفرصة التي تسنح له بالإنفراد بالشيخ للطلب بصدق
وحزم وعزم ، وفعلاً تحققت الفرصة ، فهرع إلى الشيخ متوسلاً :"أرجوك سيدي
..يا قطب الزمان والأولياء الكرام .. (وكان الشيخ الحارون علماً بين
المشايخ) أرجوك يا ركن الشريعة وموضح أسرار الطريقة ..أرجوك دفشة ..أرجوك
أن تدفعني دفعة ، فأنا صادق بطلبي ..ولا أبوح بالسر لأحد ". فابتسم الشيخ
الحارون وأخذ التاجر الغني جانباً وعلى إنفراد خاطبه بقوله :"هل أنت صادق
وجاد بطلب الخطوة إلى المسجد الحرام فأجابه :"إي وربي"، وأتمم الشيخ :"كم
لك من أولاد ؟"، فأجاب "عشرة" ، فسأله :"هل تحلف بالطلاق ثلاثاً دون رجعة
ألا تبوح بالسر ولا تخبر أحداً ؟" ، فأقسم بتلهف بالطلاق ثلاثاً دون رجعة
إن باح بالسر أو أخبر أحداً وطار قلبه فرحاً إذ سيتحقق مطلوبه وينال مقصوده
دون إنفاق درهم من المال ، قال له الشيخ :"عليك أن تأتيني غداً قبل أذان
الفجر بربع ساعة إلى جامع التكية السليمانية اتجاه المتحف بالقرب من نهر
بردى ..ستجدني إن شاء الله بانتظارك عند باب المسجد "، وهكذا لم يطرق النوم
له جفناً فجاء إلى الموعد متدسراً بالفرو والملابس الصوفية لشدة برد
الشتاء والبسمة لا تفارقه حيث ألفى الشيخ بانتظاره ، طلب منه الشيخ أن يقف
على حافة بحرة ماء كبيرة بوسط باحة الجامع الخارجية ويغمض عينيه ، فهرع من
غير تردد إلى حافة بحرة الجامع وذكره الشيخ بأيمانه المعقدة وكل ذلك وهو في
غمامة من الغبطة والفرح ومن ثم وضع الشيخ رجله خلف الرجل ودفعه دفعة
أوصلته إلى قاع بحرة الماء عمقها نصف متر بعد أن حطم الجليد المتشكل على
وجهها وأدبر مولياً من الجامع هارباً وهو يقهقه ضاحكاً إذ علمه درساً لن
ينساه . وظل الأمر مكتوماً لا يستطيع التاجر النطق به لما عقد عليه من
الأيمان كيلا تطلق زوجته أو يتيم أطفاله وأولاده ولكن الشيخ أحمد الحارون
لم يستطع كتمان هذه الفكاهة فقصها ضاحكاً ساخراً من أولئك الذين يعتقدون
بأمثال تلك الخرافات .
-
ينظر العلامة محمد أمين شيخو "أهل الخطوة" على أنها تصورات وهمية لا يقبل
بها أي عاقل وإنما هي إختلاق السحرة وأعوانهم ويعقب على القصة التي أوردها
بقوله :"من المستحيل أن يكون الإنسان في مكانين في وقت واحد فأين عقول من
يقبل بخرافة الخطوة ؟ وأهل الخطوة دجالين ؟! فعلى زعمهم أن الحجاج يقومون
معه بمناسك الحج ، وأهله وأصحابه يرونه معهم في بلدهم لم يغادرها ، هذا ولو
كانت الخطوة وأهل الخطوة في شيء من الدين الإسلامي لكان رسول الله (صلى
الله عليه وسلم ) أحق بها وأهلها ولما تكبد السير الطويل والأهوال في
الهجرة عشرات الأيام والليالي مشياً على الأقدام مع صاحبه للوصول إلى
المدينة المنورة ".